المدارس العتيقة في
تتميز بلاد المغرب بتركيبة فريدةٍ من نوعها جعلتها منطقة متعددة الأديان والثّقافات والأعراق وهذه التّركيبة جاءت عن طريق عدّة خصائص وهي تميّزها بتاريخ إسلامي عميق وعريق و قربها وعلاقتها بالقارّة الأوروبيّة والاندلس بشكل خاص و إشرافها على المحيط الأطلسي 
وكنت خلال البحث ووضع خطة السفر حريص على زيارة المدارس العتيقة و المتاحف التي تتميز  بها المغرب عن باقي الدول ، فقمت بزيارة العديد منها في فاس ومكناس وغيرها وانا الان اضع بين يديك مختصر مارأيت 

 ارتبط التعليم المغربي منذ القدم اإلى يومنا هذا بالمدارس العتيقة أو ما يسمى أيضا بالمدارس القرآنية . وقد قامت هذه المدارس بتلقين العلوم النقلية كالعلوم الشرعية والعلوم اللغوية والمعارف الأدبية و العلوم العقلية والكونية . وقد ساهمت هذه المدارس في نشر الدين الإسلامي والتعريف به في كل أرجاء المغرب ، وساهمت أيضا في توفير الأطر المؤهلة والكفاءات العلمية التي تولت مهمات التدريس والفتيا والإمامة والخطابة والتوثيق والعدالة والقضاء وشؤون الإدارة والاستشارة السلطانية . كما تخرج من هذه المدارس العديد من العلماء والمفكرين والمثقفين و الكثير من العلماء الموسوعيين المتعمقين في كل فنون المعرفة . وقد اشتهروا في العالم الإسلامي مغربا ومشرقا ، بل تخرج منها بعض سلاطين المملكة المغربية ومؤسسو دولها كعبد الله بن ياسين زعيم المرابطين ، وأحمد المنصور الذهبي سلطان الدولة السعدية وعمل هؤلاء العلماء كذلك على تعليم الصبيان والبنات والتلاميذ من خلال تأسيس الكتاتيب القرآنية والمساجد والمدارس والمعاهد لتلقين هؤلاء المتعلمين مبادئ الشريعة الإسلامية وقواعد اللغة العربية وإقرار الدراسات الإسلامية للحفاظ على العقيدة المحمدية وحماية اللغة العربية من العاميات واللهجات المحلية ، كما ساهم هؤلاء العلماء في الحث على احترام مواثيق البيعة السلطانية
 وكانت المدارس العتيقة تمتاز بالمعمارية المغاربية حيث تكسو جدرانها الايات والزخارف المصنوعة  من الزليج ، وهو فن تطور في بلاد المغرب والأندلس في العصور الوسطى وخصوصاً منذ القرن الحادي عشر
واذا كنت تتسائل ماهو الزلَيج ؟
فهو فن عريق من بلاط فسيفسائي من أشكال فخارية هندسية مدقوقة قطعة بقطعة مركّبة في لوحة من الجبس . هذا النوع من الفن الإسلامي تطور في المغرب الإسلامي ، أي في الأندلس وبلاد المغرب الكبير ، وهو من أهم خصائص المعمارية المغاربية . يتكون من فسيفساءات هندسية  النمط ، لتزيين الجدران والأسقف والنوافر والأرصفة وأحواض السباحة والموائد
كما تزين جدران المدارس الكثير من المخطوطات كُتبت بالخط الفاسي وهو خط اشتهر في تلك الحقبة ونُسب هذا الخطّ إلى مدينة فاس في الرباط التي اشتهرت بكتابته دون سواه ، ولا يُعرف بالضبط تاريخ ظهوره ، والمرجّح أنّه خطّ دارج استعمله الأندلسيون والفاسيون على السواء 
مدرسة العطارين

تعد مدرسة العطارين، الواقعة شمال جامع القرويين في فاس، من أجمل المدارس المغربية على رغم صغر مساحتها، بسبب زخارفها البديعة التي تجعل منها تحفة عمرانية نادرة . امر بتشييدها السلطان المريني أبو سعيد عثمان عام 1325 م  ، ويقال انه اشرف شخصيا على تاسيسها في البداية . وتتالف هذه المدرسة من صحن مكشوف فيه حوض ماء، تحيط به قاعة للصلاة مربعة وصالات معدة لاستقبال الطلاب والاساتذة
وتختصر زخرفة الجدران التي تحف بالصحن ‏المكشوف جميع التقنيات التي اعتمدها فنانو المغرب في تزيين صروحهم، وهم اظهروا براعة كبيرة في التعاط‏ي مع‏المواد المختلفة وأهمها الخشب والحجر والفسيفساء الخزفية المعروفة بالزليج والجبص
أخذت مدرسة العطارين اسمها من الموقع الذي يُحاديها وهو سوق العطارين
المدرسة البوعنانية
المدرسة البوعنانية في مكناس ، هي مدرسةٌ علميَّةٌ قديمة، أسسها السُلطان المريني أبو الحسن ، ثم أتمم بنائها ابنه أبو عنان فارس حوالي 1345 م . حظيت أعمدتها وأبوابها بالزخارف ، بما في ذلك من نقش كتابات وزخارف زهرية وهندسية على الخشب والجبس والزليج  
من الناحية الهندسية تَحتوي البناية على قاعة للصلاة وساحة وأعمدة ومحراب كلها غنية بزخارف كتابية منقوشة
 وكانت القبائل والعوائل الغنية هي التي تبني المدارس وتشيدها من خلال مواردها الذاتية، وكانت تخصص بعض أعشار محاصيلها الزراعية علاوة على أحباسها لتسيير المدارس وتدبيرها وتموينها ودفع أجرة العاملين فيها وصيانة المدرسة وإصلاحها. وكانت القبائل تتنافس مع بعضها البعض في بناء المدارس وصرف الأموال عليها؛ لأنها تعتبر ذلك مفخرة شريفة ومنقبة حميدة وصدقة جارية
Back to Top